سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات حكايات من استجيب دعاؤهم - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

اللهُمَّ إنْ كُنتَ أَعطَيتَ أَحدًا مِنْ خَلْقِكَ الصلاةَ في قَبرِهِ فَأَعْطِنِيها


اللهُمَّ إنْ كُنتَ أَعطَيتَ أَحدًا مِنْ خَلْقِكَ الصلاةَ في قَبرِهِ فَأَعْطِنِيها
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

قَالَ ابنُ رَجَبٍ في كتابِهِ أَهوالِ القبورِ: "روى أبو نُعَيمٍ بإِسنادِهِ عَنْ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ الأَنصاريِّ قالَ حدثني إبراهيمُ بنُ الصِّمَّةِ المُهَلَّبيُّ قالَ: حدَّثَنِي الذينَ كانوا يمرونَ بالجِصِّ بالأَسحارِ قالوا: "كُنَّا إذا مَرَرنا بجَنَبَاتِ قبرِ ثابتٍ البنانيِّ رضيَ اللهُ عنهُ سَمِعْنَا قراءةَ القرءانِ". وبإسنادهِ عن سَيّارِ بنِ حَسَنٍ عن أَبيهِ قالَ:" أنا والذي لا إلهَ إلا هُوَ أَدخَلتُ ثابتًا البنانيَّ لحدَهُ ومعي حُمَيدٌ ورجلٌ غيرُهُ فلمَّا سَوَّينا عليهِ اللَّبِنَ سَقَطَتْ لَبِنَةٌ - حَجَرٌ- فنـَزَلْتُ فأَخَذتُها مِنْ قَبرِهِ فإذا بِهِ يُصلي في قَبرِهِ - أي وجدَهُ قائمًا يُصَلِّي في قبرِهِ – ".
قالَ: فقلتُ للذِي معي: ألا تراهُ؟ قالَ: اسكُتْ، فلمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ الترابَ وفَرَغنا أَتَيْنَا ابنتَهُ فقلنا لها: ما كانَ عملُ ثابتٍ؟ - أي ماذا كانَ يفعلُ في هذه الدنيا ؟ - قالت: وما رأيتُم، فأخبرنَاها، فقالت: كانَ يقومُ الليلَ خمسينَ سنةً فإذا كانَ السَّحَرُ قالَ في دعائِهِ: "اللهُمَّ إن كنتَ أعطيتَ أحدًا مِنْ خَلْقِكَ الصلاةَ في قبرِهِ فأعطِنِيها، فما كانَ اللهُ ليردَّ ذلكَ الدعاءَ" اهـ
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ هذا ما رأى الرسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكنْ رأى أصحابَ رسولِ اللهِ كانَ لازَمَ أنسَ بنَ مالكٍ خادمَ رسولِ اللهِ، الذي خدمَ الرسولَ عشرَ سنواتٍ بالمدينةِ، رءاهُ وأخذَ منهُ العلمَ وكانَ يُحِبُّهُ ويتعلَّقُ بِهِ، لازَمَهُ ملازَمةً شَديدةً، كانَ عابدًا تقيًّا عالِمًا، مِنْ عُلماءِ الحديثِ كانَ يُقالُ لَهُ ثابتٌ البُنَانِيُّ.
كانَ سألَ اللهَ تعالى أنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ الصلاةِ في القبرِ، فاللهُ تعالى حَقَّقَ لَهُ دعوتَهُ فشاهدَهُ الناسُ عِيانًا يقظةً ليسَ منامًا وهو يُصلي في قبرِهِ، كما وردَ عَنِ الذي أَلْحَدَهُ في قَبرِهِ، أَدْخَلَهُ في قَبرِهِ. هذا الرجلُ الصالحُ ثَبَتَ على صلاةِ النّافلةِ، صلاةِ التطوعِ خَمسينَ سنةً ويدعُو اللهَ تعالى أن يرزقَهُ الصلاةَ في قبرِهِ فأكرمَهُ اللهُ بذلكَ.
أَرأيتُم ماذا كانَ يدعُو طيلةَ خَمسينَ سنةً، هل دعا بالمالِ؟ هل دعا بالرزقِ؟ هل دعا بالولدِ؟ بل دعا بالصلاةِ، وأينَ؟ في القبرِ إلى يومِ القيامةِ. أينَ الذينَ يتهاونُونَ فيها؟ أينَ الذينَ يُضَيِّعُونَها في الدنيا في الرخاءِ في الصحةِ في العافيةِ. رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ليلةِ الإسراءِ والمعراجِ رأى قومًا تَرضخُ رؤوسُهم أي تُكسرُ رؤوسُهم ثم تعودُ كما كانت. فقالَ جبريلُ عليهِ السلامُ: هؤلاءِ الذينَ تتثاقلُ رؤوسُهم عن تأديةِ الصلاةِ.
وقَدْ سُمِعَ ثابتٌ البُنانيُّ يقولُ: "الليلُ والنَّهارُ أَرْبَعٌ وعشرونَ ساعةً لَيْسَ فِيها سَاعَةٌ تَأْتِي عَلَى ذِي رُوْحٍ إلَّا وَمَلَكُ المَوْتِ عَلَيْها قَائِمٌ فَإِنْ أُمِرَ بِقَبْضِهَا قَبَضَها وإلَّا ذَهَبَ". اللّهُمَّ إنّا نسألُكَ حبَّكَ وحُبَّ مَنْ يحبُّكَ والعمَلَ الذي يبلّغُنَا حُبَّكَ.